«ما تقرَّبَ إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضتُ (4) عليه. ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمْعَه الذي يسمع به، وبصَرَه الذي

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
على أبي عثمان المغربيِّ ورجلٌ يستقي لنا من البئر على بَكرةٍ، فقال: يا أبا عبد الرّحمن، أتدري أيشٍ تقول هذه البكرةُ؟ فقلت: لا، فقال: تقول: الله الله.
ومثل ذلك كثيرٌ. كما سمع أبو سليمان (1) الدِّمشقيُّ من المنادي: يا سَعْتَر برِّي: اسْعَ تَرَى بِرِّي (2).
وهذا السّماع الرّوحانيُّ تبعٌ لحقيقة القلب ومادّته منه، فلاتحادِه به يظنُّ السّامع: أنّه أدرك ذلك المعنى لا محالةَ من الصّوت الخارجيِّ، وسبب ذلك اتِّحاد السّمع بالقلب.
وأكملُ السّماع: سماع من يسمع بالله ما هو مسموعٌ من الله، وهو كلامه. وهو سماع المحبِّين المحبوبين، كما في الحديث الذي في «صحيح البخاريِّ» (3) عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يَروي عن ربِّه تبارك وتعالى أنّه قال:
«ما تقرَّبَ إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضتُ (4) عليه. ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمْعَه الذي يسمع به، وبصَرَه الذي