
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} [المعارج: 23]. قال عبد الله بن المبارك عن ابن لهيعة: حدّثني يزيد بن أبي حبيبٍ أنّ أبا الخير أخبره قال: سألنا عُقبة بن عامرٍ عن قوله تعالى: {الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ} أهم الذين يصلُّون دائمًا؟ قال: لا, ولكنّه إذا صلّى لم يلتفتْ عن يمينه ولا عن شماله ولا خلفه (1).
قلت: هما أمران: الدّوام عليها، والمداومة عليها. فهذا الدّوام. والمداومة في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ} [المعارج: 34]. وفُسِّر الدّوام بسكون الأطراف والطُّمأنينة (2).
وأدبه في استماع القراءة: أن يُلقِي السّمعَ وهو شهيدٌ.
وأدبه في الرُّكوع: أن يستوي ويُعظِّم الله حتّى لا يكون في قلبه شيءٌ أعظم منه، ويتضاءلَ ويتصاغرَ في نفسه حتّى يكون أقلَّ من الهَباء.
والمقصود: أنّ الأدب مع الله هو القيام بدينه، والتّأدُّب بآدابه ظاهرًا وباطنًا.
ولا يستقيم لأحدٍ قطُّ الأدبُ مع الله إلّا بثلاثة أشياء: معرفةٌ به وبأسمائه وصفاته، ومعرفةٌ بدينه وشرعِه وما يُحبُّ وما يكره، ونفسٌ مستعدّةٌ قابلةٌ ليِّنةٌ، متهيِّئةٌ لقبول الحقِّ علمًا وعملًا وحالًا. والله المستعان (3).