مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
إساءته إليه. والكمال هو مغفرة القادر العالم، وهو العزيز الحكيم. فكان ذكر هاتين الصِّفتين في هذا المقام عينَ الأدب في الخطاب.
وفي بعض الآثار: «حملة العرش أربعةٌ: اثنان يقولان: سبحانك اللهمّ ربَّنا وبحمدك، لك الحمدُ على حِلمك بعد علمك. واثنان يقولان: سبحانك اللهمّ ربّنا وبحمدك، لك الحمد (1) على عفوِك بعد قدرتك» (2). ولهذا يقترن كلٌّ من هاتين الصِّفتين بالأخرى، كقوله: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ} [النساء: 12]، وقوله: {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} (3) [النساء: 149].
وكذلك قول إبراهيم الخليل عليه السلام: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: 78 - 80]، ولم يقل: «وإذا أمرضني» حفظًا للأدب مع الله.
وكذلك قول الخضر عليه السّلام في السّفينة: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} [الكهف: 79]، ولم يقل: «فأراد ربُّك أن أعيبها». وقال في الغلامين: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا} [الكهف: 82].