
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
قال (1): (وهي على ثلاث درجاتٍ، الدّرجة الأولى: ذهابٌ عن العادات بصحبة العلم، والتّعلُّقُ بأنفاس السّالكين مع صدق القصد، وخَلْعُ كلِّ شاغلٍ من الإخوان ومُشتِّتٍ من الأوطان).
هذا (2) يوافق مَن حدَّ الإرادة بأنّها مخالفة العادة، وهي ترك عوائدِ النّفس وشهواتها، ورعوناتِها وبطالاتها. ولا يمكن ذلك إلّا بهذه الأشياء التي أشار إليها، وهي: صحبة العلم ومعانقته، فإنّه (3) النُّور الذي يُعرِّف العبدَ مواقعَ ما ينبغي إيثار طلبِه، وما ينبغي إيثار تركِه. فمن لم يصحَبْه العلم لم تصِحَّ له إرادةٌ باتِّفاق كلمة الصّادقين، ولا عِبرةَ بقُطَّاع الطّريق.
وقال بعضهم: متى رأيت الصُّوفيّ والفقير يقدَحُ في العلم فاتَّهِمْه على الإسلام.
ومنها: التّعلُّق بأنفاس السّالكين. ولا ريبَ أنّ كلّ من تعلّق بأنفاس قومٍ انخرط في سِلْكهم ودخل في جُملتهم.
وقال: (أنفاس السّالكين)، ولم يقل: أنفاس العابدين، فإنّ العابدين شأنهم القيامُ بالأعمال، وشأنُ السّالكين مراعاة الأحوال.
وقوله: (مع صدق القصد).
صدقُ القصد يكون بأمرين. أحدهما: توحيده. والثّاني: توحيد المقصود. فلا يقع (4) في قصدِك قسمةٌ ولا في مقصودِك