مدارج السالكين ج3

مدارج السالكين ج3

12825 1

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد عزير شمس 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 584 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

وأمّا مروءة التّرك: فكترك الخصام والمعاتبة والمطالبة والمماراة، والإغضاء عن عيبِ ما تأخذه من حقِّك، وترك الاستقصاء في طلبه، والتّغافل عن عَثَرات النّاس، وإشعارهم أنّك لا تعلم لأحدٍ منهم عثرةً، والتّوقير للكبير، وحفظ حرمة النّظير، ورعاية أدب الصّغير. وهي على ثلاث درجاتٍ:

الدّرجة الأولى: مروءة المرء مع نفسه، وهي أن يَحمِلَها سِرًّا على مراعاةِ ما يُجمِّل ويَزِين، وتَرْكِ ما يُدنِّس ويَشِين، ليصير لها ملكة في العلانية. فمن اعتادَ شيئًا في سرِّه وخلوته ملكه في علانيته وجهره، فلا يكشف عورته في الخلوة، ولا يتجشَّأ (1) بصوتٍ مزعجٍ ما وجد إلى خلافه سبيلًا، ولا يُخرِج الرِّيح بصوتٍ وهو يقدر على خلافه، ولا يَجْشَع ويَنْهَم (2) عند أكله وحده.

وبالجملة، فلا يفعل خاليًا ما يستحيي من فعله في الملأ، إلّا ما لا يحظره (3) الشّرع والعقل، ولا يكون إلّا في الخلوة، كالجماع والتّخلِّي ونحو ذلك.

الدّرجة الثّانية: المروءة مع الخَلْق، بأن يستعمل معهم شروط الأدب والحياء والخُلق الجميل، ولا يُظهِر لهم ما (4) يكرهه هو من غيره، وليتّخذ النّاسَ مرآةً لنفسه، فكلُّ ما كرِهه ونَفَر عنه من قولٍ أو فعلٍ أو خُلقٍ فلْيجتنبه، وما أحبّه من ذلك واستحسنه فليفعله.

وصاحب هذه البصيرة ينتفع بكلِّ من خالطَه وصحِبَه من كاملٍ وناقصٍ، وسيِّئ الخلق وحسَنِه، وعديمِ المروءة وغزيرِها.

الصفحة

106/ 584

مرحباً بك !
مرحبا بك !