
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 584
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وخلق البهائم شهوةً بلا عقولٍ، وخلق ابنَ آدم وركّب فيه العقل والشّهوة. فمن غلب عقلُه شهوتَه التحقَ بالملائكة، ومن غلبت شهوتُه عقلَه التحق بالبهائم.
ولهذا قيل في حدِّ المروءة: إنّها غلبة العقل للشّهوة.
وقال الفقهاء في حدِّها: هي استعمال ما يُجمِّل العبدَ ويَزِينه، وترك ما يُدنِّسه ويَشِينه.
وقيل: المروءة استعمال كلِّ خُلقٍ حسنٍ, واجتناب كلِّ خُلقٍ قبيحٍ.
وحقيقة المروءة تجنُّب الدّنايا والرّذائل، من الأقوال والأخلاق والأعمال (1).
فمروءة الإنسان (2): حلاوته وطيبه ولينه، واجتناء الثِّمار منه بسهولةٍ ويُسرٍ.
ومروءة الخُلق: سعتُه وبسطُه وبذلُه للحبيب والبغيض.
ومروءة المال: الإصابة ببذله مواقعَه المحمودة عقلًا وعرفًا وشرعًا.
ومروءة الجاه: بذلُه للمحتاج إليه.
ومروءة الإحسان: تعجيله وتيسيره وتوفيره، وعدم رؤيته حالَ وقوعه، ونسيانه بعد وقوعه. فهذه مروءة البذل.