مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وإذا عُرِف الرجل بالأذى بالعين ساغ بل وجب حبسُه وإفراده عن الناس, ويُطعَم ويسقى حتى يموت. ذكر ذلك غير واحدٍ من الفقهاء (1)، ولا ينبغي أن يكون في ذلك خلافٌ, لأنَّ هذا من نصيحة المسلمين ودفع الأذى عنهم، ولو قيل فيه غير ذلك لم يكن بعيدًا من أصول الشَّرع.
فإن قيل: فهل تُقيدون منه إذا قتل بعَينه؟
قيل: إن كان ذلك بغير اختياره بل غلب على نفسه لم يُقتصَّ منه وعليه الدِّية، وإن عمد (2) ذلك وقَدَر على ردِّه وعَلِم أنَّه يقتل به ساغ للوليِّ أن يقتله بمثل ما قتل به، فيَعينه إن شاء كما عان هو المقتول. وأمَّا قتله بالسَّيف قصاصًا فلا، لأنَّ هذا ليس ممَّا يقتل غالبًا ولا هو مماثلٌ لجنايته.
وسألت شيخنا أبا العبَّاس ابن تيميّة ــ قدَّس الله روحه ــ عن القتل بالحال هل يوجب القصاص؟ فقال: للوليِّ أن يقتله بالحال كما قتل به.
فإن قيل: فما الفرق بين هذا (3) وبين القتل بالسِّحر حيث توجبون القصاص به بالسَّيف؟
قلنا: الفرق من وجهين:
أحدهما: أنَّ السِّحر الذي يُقتَل به هو السِّحر الذي (4) يَقتل مثله غالبًا، ولا ريب أنَّ هذا كثيرٌ في السِّحر، وفيه مقالات وأبوابٌ معروفة للقتل عند أربابه.