مدارج السالكين ج2

مدارج السالكين ج2

7167 4

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: نبيل بن نصار السندي 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 659 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

البصيرة واستدراك البغية).

وأمَّا قوله: (التذكُّر وجودٌ) لأنه يكون فيما قد حصل بالتفكُّر ثمَّ غاب عنه بالنِّسيان، فإذا تذكَّره وجده وظفر به. والتذكُّر تفعُّلٌ من الذِّكر، وهو ضدُّ النِّسيان، وهو حضور صورة المذكور العلميَّة في القلب، واختير له بناء التفعُّل لحصوله بعد مهلةٍ وتدريج، كالتبصُّر والتفهُّم والتعلُّم.

فمنزلة التذكُّر من التفكُّر منزلة حصول الشيء المطلوب بعد التفتيش عليه، ولهذا كانت آيات الله المتلوَّة والمشهودة ذكرى، كما قال في المتلوَّة: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (53) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [غافر: 53 - 54]، وقال عن القرآن: {(47) وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ} [الحاقة: 48]. وقال في آياته المشهودة: {أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (6) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (7) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ} [ق: 6 - 8]، فالتَّبصرة آلة البصر (1)، والتَّذكرة (2) آلة الذِّكر (3)، وقُرن بينهما وجُعلا لأهل الإنابة، لأنه إذا أناب إلى الله أبصر مواقع الآيات والعبر، فاستدلَّ بها على ما هي آياتٌ له، فزال عنه الإعراض بالإنابة، والعمى بالتبصرة، والغفلة بالتذكرة، لأنَّ التبصرة توجب له حصول صورة المدلول في القلب بعد غفلته عنها، فترتَّبت (4) المنازل الثلاثة أحسنَ

الصفحة

69/ 659

مرحباً بك !
مرحبا بك !