مدارج السالكين ج2

مدارج السالكين ج2

7103 4

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: نبيل بن نصار السندي 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 659 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

ونحن لا ننكر ما ذكرتم من غَيبة الشاهد بمشهوده عن شهوده، وبمذكوره عن ذكره، وبمعروفه عن معرفته، وبمحبوبه عن حبِّه؛ لكن ننكر كون هذا أكملَ حالًا من صاحب البقاء والتمييز وشهودِ الحقائق على ما هي عليه، فلا يحتاج يشهد حاله زورًا، لأنَّه لم يحصل له ما حصل لصاحب السُّكر والاصطلام من الزُّور، فهو أكمل منه حقيقةً وشرعًا.

وأمّا الغائب عن الحقيقة الكونيَّة بشهود فعله، فإنّه متى صحبه استصحاب عقد التوحيد، وأنّ مصدر كلِّ شيءٍ مشيئة الله وحده، وأنَّه ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنّه لا يتحرّك متحرِّكٌ في ظاهره وباطنه إلَّا به سبحانه= فلا تضرُّه الغيبة عن هذا المشهد باستغراقه في القصد والطلب والفعل إذ حكمه جارٍ عليه في هذه الحال. وليس ضيقُ قلبه عن استحضار ذلك وقت استجماعِ إرادته وطلبه وفعله = ذنبًا، لا للخاصَّة ولا للعامَّة، ولا بالنِّسبة إلى مقامه أيضًا؛ فإنَّ الذنب تعمُّد مخالفة الأمر، وهذا ليس كذلك، ولا هذا مطالبٌ بالغيبة بشهود الحقيقة والفناءِ فيها عن شهود الفعل وقيامه به، مع اعتقاده أنَّه بمشيئة الله وحوله وقوَّته.

وأمَّا ما ذكرتم من أنَّ مشاهدة القرب تجعل القصد قعودًا، فكلامٌ له خبيء، وقد أفصح عنه بعض المغرورين المخدوعين بقوله (1):

ما بال عِيسِك لا يقرُّ قرارها ... وإلامَ ظِلُّك لا يني متنقِّلا؟

الصفحة

656/ 659

مرحباً بك !
مرحبا بك !