مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فكلُّ مَدخلٍ ومَخرجٍ كان بالله ولله، وصاحبه ضامنٌ على الله= فهو مدخل صدقٍ، ومَخرج صدقٍ.
وكان بعض السلف إذا خرج من داره رفع رأسه إلى السماء، وقال: «اللهمَّ إنِّي أعوذ بك أن أَخرُج مَخرجًا لا أكون فيه ضامنًا عليك» (1)، يريد: أن لا يكون المخرج مخرج صدقٍ.
ولذلك فُسِّر مدخل الصدق ومخرجه (2): بخروجه - صلى الله عليه وسلم - من مكَّة ودخوله المدينة. ولا ريب أنّ هذا على سبيل التمثيل، فإنَّ هذا المدخل والمخرج من أجلِّ مداخله ومخارجه - صلى الله عليه وسلم -، وإلَّا فمداخله ومخارجه كلُّها مداخل صدقٍ ومخارج صدقٍ، إذ هي بالله ولله، وبأمره ولابتغاء مرضاته.
وما خرج أحدٌ من بيته ودخل سوقه أو مدخلًا آخر إلَّا بصدقٍ أو كذب، فمخرج كلِّ أحدٍ ومدخله لا يعدو الصِّدق والكذب. والله المستعان.
وأمَّا لسان الصِّدق: فهو الثناء الحسن عليه من سائر الأمم بالصِّدق، ليس ثناءً بالكذب، كما قال عن أنبيائه ورسله (3): {وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ