
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وحياء الإجلال: هو حياء المعرفة، وعلى حسب معرفة العبد بربِّه يكون حياؤه منه.
وحياء الكرم: كحياء النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من القوم الذين دعاهم إلى وليمة زينب، وطوَّلوا عنده، فقام واستحيا أن يقول لهم: انصرفوا (1).
وحياء الحشمة: كحياء عليِّ بن أبي طالبٍ أن يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن المذي لمكان ابنته منه (2).
وحياء الاستحقار واستصغار النفس: كحياء العبد من ربِّه حين يسأله حوائجه، احتقارًا لشأن نفسه واستصغارًا لها. وفي أثرٍ إسرائيليٍّ: إنَّ موسى قال: يا ربِّ، إنّه لتعرض لي الحاجة من الدُّنيا، فأستحيي أن أسألك يا ربِّ، فقال الله تعالى: «سلني حتَّى ملح عجينك وعلف شاتك» (3).
وقد يكون لهذا النوع من الحياء سببان. أحدهما: استحقار السائل نفسه (4). والثاني: استعظامه مسؤولَه.
وأمَّا حياء المحبة: فهو حياء المحبِّ من محبوبه، حتَّى إنَّه إذا خطر على قلبه في حال غيبته هاج الحياء من قلبه، وأحسَّ به في وجهه، ولا يدري (5) ما