مدارج السالكين ج2

مدارج السالكين ج2

7152 4

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: نبيل بن نصار السندي 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 659 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

تعالى الدينيِّ (1) على هذا الرسم والسَّير به إلى النفس. ولعلَّ العامل على الفناء بهذه المثابة، وهو ملبوس عليه؛ فالعارف يستقصي التفتيش عن كمائن النفس.

وأمَّا قولكم: كيف يشكر من لم يكن من لم يزل؟ فهذا بالشَّطح أليق منه بالمعرفة، فإنَّ من لم يزل إذا أَمَر من لم يكن بالشكر، ورضيه منه وأحبَّه، وأثنى عليه به، واستدعاه واقتضاه منه، وأوجب له به المزيد، وأضافه إليه، واشتقَّ له منه الاسم، وأوقع عليه به الحكم، وأخبر أنَّه غاية رضاه منه، وأمره مع ذلك أن يشهد أنَّ شكره به وبإذنه ومشيئته وتوفيقه= فهذا شكر من لم يكن لمن لم يزل، وهو محض العبوديَّة.

وأمَّا ضرب مثل كسوة السُّلطان لعبده وأخذِه في الشُّكر له مكافأةً، فهذا من أبطل الأمثلة عقلًا ونقلًا وفطرةً، وهو الحجاب الذي أوجب لمن قال: (إنَّ شكر المنعم لا يجب عقلًا) ما قال، حتَّى زعم أنَّ شكره قبيحٌ عقلًا ولولا الشرع لما حَسُن الإقدام عليه، وضَرَب هذا المثل الذي ضربتموه بعينه (2).

وهذا من القياس الفاسد المتضمِّنِ قياسَ الخالق على المخلوق. وبمثله عُبدت الشمس والقمر والأوثان (3)، إذ قال المشركون: جناب العظيم لا يُهجَم عليه بغير وسائل ووسائط. وسرت هاتان الرقيقتان فيمن فسد من أهل التعبُّد وأهل النظر والبحث، والمعصومُ من عصمه الله.

الصفحة

600/ 659

مرحباً بك !
مرحبا بك !