
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقيل: الشُّكر التلذُّذ بثنائه على ما لم تستوجب من عطائه (1).
وقال الجنيد ــ وقد سأله سَرِيٌّ عن الشُّكر ــ وهو صبيٌّ بعدُ: الشُّكر أن لا يستعان بشيءٍ من نعم الله على معاصيه. فقال: من أين لك هذا؟ قال: من مجالستك (2).
وقيل: من قَصُرت يدُه عن المكافاة فليَطُل لسانه بالشكر.
والشُّكر معه (3) المزيد أبدًا، لقوله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]، فمتى لم تر حالك في مزيدٍ فاستقبل الشُّكر.
وفي أثرٍ إلهيٍّ يقول الله تعالى: «أهل ذكري أهل مجالستي، وأهل شكري أهل زيادتي، وأهل طاعتي أهل كرامتي، وأهل معصيتي لا أقنِّطهم من رحمتي، إن تابوا فأنا حبيبهم، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم، أبتليهم بالمصائب لأطهِّرهم من المعايب» (4).
وقيل: من كتم النِّعمة فقد كفرها، ومن أظهرها ونشرها فقد شكرها. وهذا (5) من قوله: - صلى الله عليه وسلم - «إنَّ الله إذا أنعم على عبدٍ بنعمةٍ أحبَّ أن يرى أثر نعمته