
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وقال يومًا لامرأته عاتكة ــ أخت سعيد بن زيدٍ ــ وقد غضب (1): واللهِ لأسوأنَّك! فقالت: أتستطيع أن تصرفني عن الإسلام، بعد أن (2) هداني الله؟ قال: لا، فقالت: فأيُّ شيءٍ تسوؤني به إذًا؟ (3) تريد أنّها راضيةٌ بمواقع القدر، لا يسوؤها منه شيءٌ إلَّا صرفها عن الإسلام، ولا سبيل له إليه.
وقال الثوريُّ يومًا عند رابعة: اللهمَّ ارضَ عنَّا، فقالت: أما تستحيي أن تسأله الرِّضا وأنت غير راضٍ عنه؟ فقال: أستغفر الله. ثمَّ قال لها جعفر بن سليمان: متى يكون العبد راضيًا عن الله؟ فقالت: إذا كان سروره بالمصيبة مثل سروره بالنِّعمة (4).
وفي أثرٍ إلهيٍّ: ما لأوليائي والهمِّ بالدُّنيا؟ إنَّ الهمَّ يُذهب حلاوة مناجاتي من قلوبهم (5).
وقيل: أكثر الناس همًّا بالدُّنيا أكثرهم همًّا في الآخرة، وأقلُّهم همًّا بالدُّنيا أقلُّهم همًّا في الآخرة. فالإيمان بالقدر والرِّضا به يُذهب عن العبد الهمَّ والغمَّ والحزن (6).