
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
يصحُّ شيءٌ منها بدونه البتَّة.
التاسع والأربعون: أنَّ الرِّضا يقوم له مقام كثيرٍ من أنواع التعبُّدات التي تشقُّ على البدن، فيكون رضاه أسهل عليه، وألذَّ له، وأرفع في درجته.
وقد ذُكر في أثرٍ إسرائيليٍّ: أن عابدًا عبد الله دهرًا طويلًا، فأري في المنام: أنَّ فلانة الراعية رفيقتك في الجنَّة، فسأل عنها إلى أن وجدها، فاستضافها ثلاثًا ينظر إلى عملها، وكان يبيت قائمًا وتبيت نائمةً، ويظلُّ صائمًا وتظلُّ مفطرةً. فقال: أما لكِ عملٌ غير ما رأيت؟ قالت: ما هو والله غير ما رأيت (1)، لا أعرف غيره. فلم يزل يقول: تذكَّري، حتّى قالت: خُصَيلةٌ واحدةٌ هي فيَّ (2): إن كنت في شدَّةٍ لم أتمنَّ أنِّي في الرخاء، وإن كنت في مرضٍ لم أتمنَّ أنِّي في صحَّةٍ، وإن كنت في شمسٍ لم أتمنَّ أنِّي في الظِّلِّ. قال: فوضع العابد يده على رأسه وقال: أهذه خُصيلة؟ هذه والله خصلةٌ عظيمةٌ يَعجِز عنها العبَّاد (3).
وقد روي عن ابن مسعود: من رضي بما نزل من السماء إلى الأرض غفر له (4).