
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: منزلة الصبر.
قال الإمام أحمد: ذكر الله الصبر في القرآن في نحوٍ من تسعين موضعًا (1).
وهو واجب بإجماع الأمَّة. وهو نصف الإيمان (2)، فإنَّ الإيمان نصفان: نصفٌ صبرٌ ونصفٌ شكرٌ.
وهو في القرآن على ستَّة عشر نوعًا.
الأوَّل: الأمر به، نحو قوله: {(152) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 153]، وقوله: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} [آل عمران: 200]، وقوله: {(126) وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ} [النحل: 127].
الثاني: النهي عن ضدِّه، كقوله: {كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ} [الأحقاف: 35]، وقوله: {فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ} [الأنفال: 15]، فإنَّ تولية الأدبار تركٌ للصّبر والمصابرة. وقوله: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]، فإنَّ إبطالها ترك للصبر على إتمامها. وقوله: {تَهِنُوا فِي} [آل عمران: 139]، فإنَّ