مدارج السالكين ج2

مدارج السالكين ج2

7146 4

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: نبيل بن نصار السندي 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 659 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

وجعل لكلِّ عملٍ من أعمال البرِّ ومقامٍ من مقاماته جزاءً معلومًا، وجعل نفسَه جزاء المتوكِّل عليه وكفايتَه، فقال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ} [الطلاق: 5]، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2]، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} [الطلاق: 4]، {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [النساء: 69]، ثمَّ قال في التوكُّل (1): {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3]، فانظر إلى هذا الجزاء الذي حصل للمتوكِّل (2)، ولم يجعله لغيره. وهذا يدلُّ على أنَّ التوكُّل أقوى السُّبل عنده وأحبُّها إليه.

وليس كونه وكل الأمور إلى نفسه بمنافٍ لتوكُّل العبد عليه. بل هذا تحقيق كون الأمور كلِّها موكولةً إلى نفسه، لأنَّ العبد إذا علم ذلك وتحقَّقه معرفةً صارت حالُه التوكُّلَ قطعًا على من هذا شأنه، لعلمه بأنَّ الأمور كلَّها موكولة إليه وأنَّ العبد لا يملك شيئًا منها البتة. فهو لا يجد بدًّا من اعتماده عليه، وتفويضه إليه، واستناده إليه، وثقته به؛ من الوجهين: من جهة فقره وعدم ملكه شيئًا البتَّة، ومن جهة كون الأمر كلِّه بيده وإليه، والتوكُّل ينشأ من هذين العِلمين.

فإن قيل: فإذا كان الأمر كلُّه لله، وليس للعبد من الأمر شيء، فكيف يوكِّل المالكَ على ملكه؟ وكيف يستنيبه فيما هو ملكٌ له دون هذا الموكِّل؟ فالخاصَّة لمَّا تحقَّقوا هذا نزلوا عن مقام التوكُّل وسلَّموه إلى العامَّة، وبقي الخطاب بالتوكُّل لهم دون الخاصَّة.

الصفحة

407/ 659

مرحباً بك !
مرحبا بك !