مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
والحاصل أنّه يتَّهم نفسه في حصول اليقين، فإذا حصل فليس به ولا منه، ولا له فيه شيءٌ، فهو يذمُّ نفسه في عدم حصوله، ولا يحمدها عند حصوله.
وأمَّا عدُّه (الحال دعوى)، أي دعوى كاذبةً، اتِّهامًا لنفسه، وتطهيرًا لها من رعونة الدَّعاوى، وتخليصًا للقلب من نصيب الشيطان، فإنَّ الدعوى من أنصباء الشيطان منه (1).
فصل
قال (2): (وأمَّا: رعاية الأوقات فأن يقف مع كلِّ خطوةٍ، ثمَّ أن يغيب عن خطوه بالصَّفاء من رسمه، ثمَّ أن يذهب عن شهود صفوه).
أي يقف مع كل حركة ظاهرة وباطنة بمقدار ما يصححها نيَّةً وقصدًا وإخلاصًا ومتابعةً، فلا يخطو هَمَجًا (3)، بل يقف قبل الخطوة حتّى يصحِّح الخطوة ثمَّ ينقل قدم عزمه.
فإذا صحَّت له ونقل قدمه، انفصل عنها ــ وقد صحَّت ــ بالغيبة عن شهودها ورؤيتها، فيغيب عن شهود تقدُّمه بنفسه، فإنَّ رسمه هو نفسه. فإذا غاب عن شهوده نفسَه وتقدُّمَه بها في كلِّ خطوةٍ، فذلك عين (الصَّفاء من رسمه) الذي هو نفسه (4). ولمَّا كانت النفس محلَّ الأكدار سمَّى انفصاله