
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
عينِ مرادِه هو وحظِّه (1)، ولو فتَّش نفسه لرأى ذلك فيها عيانًا.
وهل الرُّعونة كلُّ الرُّعونة إلا دعواه أنه يحبُّ ربَّه لعذابه لا لثوابه، وأنَّه إذا أحبَّه وأطاعه للثواب كان ذلك حظًّا وإيثارًا لمراد النفس، بخلاف ما إذا أحبَّه وأطاعه ليعذِّبه فإنَّه لا حظَّ للنفس في ذلك. فوالله ليس في أنواع الرُّعونة والحماقة أقبح من هذا ولا أسمج! وماذا يلعب الشيطان بالنُّفوس؟! وإنَّ نفسًا وصل بها تلبيس الشيطان إلى هذه الحالة لمحتاجة إلى سؤال المعافاة.
فنزِّل أحوال الأنبياء والرُّسل والصدِّيقين وسؤالَهم ربَّهم على أحوال هؤلاء الغالطين (2)، ثمَّ قايس بينهما وانظر التفاوت. فأين هذا من دعاء النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «اللهم إنِّي أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك» (3) وقولِه لعمِّه: «يا عبَّاسُ، يا عمَّ رسول الله، سل الله العافية» (4)، وقولِه للصدِّيق الأكبر وقد سأله أن يعلِّمه دعاءً يدعو به في صلاته: «قل: اللهم إنِّي ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذُّنوب إلّا أنت، فاغفر لي مغفرةً من عندك وارحمني، إنَّك أنت الغفور الرحيم» (5)، وقولِه