مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
تعبدون آلهةً أخرى سواه؟ فعُلِم أنَّ إلهيَّة ما سواه باطلة، كما أنّ ربوبيّة ما سواه باطلةٌ بإقراركم وشهادتكم.
ومن قال: المعنى: هل مع الله إلهٌ آخر؟ من غير أن يكون المعنى: فعل هذا (1)، فقوله ضعيفٌ لوجهين:
أحدهما: أنَّهم كانوا يقولون: مع الله آلهةٌ أخرى، ولا ينكرون ذلك.
الثاني: أنّه لا يتمُّ الدليل ولا يحصل إفحامُهم وإقامة الحجَّة عليهم إلّا بهذا التقدير، أي: فإذا كنتم تقولون: إنَّه ليس معه إلهٌ آخر فعل مثل ما فعله، فكيف تجعلون معه إلهًا آخر لا يخلق شيئًا وهو عاجز؟ وهذا كقوله: {لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ} (2) [الرعد: 16]، وقولِه: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان: 11]، وقولِه: {أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ} [النحل: 17]، وقوله: {وَالَّذِينَ الَّذِينَ (3) ... مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [النحل: 20]، وقولِه: {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ (4) آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ} [الفرقان: 3]، وهو كثيرٌ في القرآن، وبه تتمُّ الحجَّة كما تبيَّن.
والمقصود أنَّ العبد يحصل له هذا المشهد من مطالعة الجنايات