
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ومتعلَّقه ستَّة أشياء، لا يستحقُّ العبد اسم الزهد حتَّى يزهد فيها، وهي: المال، والصُّور، والرِّياسة، والناس، والنفس، وكلُّ ما دون الله. وليس المراد رفضها من الملك. فقد كان سليمان وداود من أزهد أهل زمانهما، ولهما من المال والنِّساء والملك ما لهما. وكان نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - أزهد البشر على الإطلاق وله تسع نسوةٍ. وكان علي بن أبي طالبٍ وعبد الرّحمن بن عوفٍ والزُّبير وعثمان من الزُّهَّاد مع ما لهم (1) من الأموال. وكان الحسن بن عليٍّ - رضي الله عنهما - من الزهاد مع أنَّه كان من أكثر الأمَّة محبةً للنِّساء ونكاحًا لهنَّ وأغناهم. وكان عبد الله بن المبارك من أئمة الزُّهَّاد مع مالٍ كثيرٍ. وكذلك اللَّيث بن سعدٍ وسفيان من أئمَّة الزهَّاد، وكان له رأس مالٍ؛ يقول (2): لولا هو لتَمنْدَلَ بنا هؤلاء.
ومن أحسن ما قيل في الزُّهد كلامُ الحسن أو غيره الزهد» (ص 25) بإسناد صحيح. وقد روي مرفوعًا عند الترمذي (2340) وابن ماجه (4100) وابن عدي في «الكامل» (7/ 547) وغيرهم من حديث أبي ذر، ولكن إسناده واهٍ بمرة." data-margin="3">(3): «ليس الزُّهد في الدُّنيا بتحريم الحلال ولا إضاعة المال، ولكن أن تكون بما في يد الله أوثقَ منك بما في يدك، وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أُصبتَ بها أرغبَ منك فيها لو لم تصبك». فهذا من أجمع كلامٍ في الزُّهد وأحسنه، وقد روي مرفوعًا.