
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
قال صاحب «المنازل» (1): (هو من أوَّل مقامات الطُّمأنينة).
يعني بمقامات الطمأنينة: السكينة، واليقين، والثِّقة بالله تعالى ونحوها. فالإخبات مقدِّمتها ومبدؤها.
قال: (وهو ورود المسافر (2) من الرُّجوع والتّردُّد).
لمَّا كان الإخبات أول مقامٍ يتخلَّص فيه السالك من التّردُّدِ الذي هو نوع شك، والرجوعِ الذي هو نوع غفلةٍ وإعراضٍ، والسالكُ مسافر إلى ربِّه سائرٌ إليه على مدى أنفاسه، لا ينتهي سيره (3) إليه ما دام نَفَسه يصحبه= شبَّه حصول الإخبات له بالماء العذب الذي يَرِده المسافر على ظمأٍ وحاجةٍ في أوَّل مناهله، فيرويه مورده ويزيل عنه خواطر تردُّده في إتمام سفره أو رجوعِه إلى وطنه لمشقَّة السّفر، فإذا ورد ذلك الماء زال عنه التّردُّد وخاطر الرجوع. كذلك السالك إذا ورد مورد الإخبات تخلَّص من التردُّد والرجوع، ونزل أوَّل منازل الطُّمأنينة لسفره (4) وجدَّ في السّير.
قال (5): (وهو على ثلاث درجاتٍ. الدرجة الأولى: أن تستغرق العصمةُ الشهوةَ، وتستدرك الإرادةُ الغفلةَ، ويستهوي الطلبُ السَّلوة (6)).