
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
ومن منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: منزلة الخشوع؛ قال تعالى: {لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ نَزَّلَ وَلَا يَكُونُوا} [الحديد: 16]. قال ابن مسعودٍ - رضي الله عنه -: ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتَبَنا اللهُ بهذه الآية إلا أربع سنين (1). وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: إنَّ الله استبطأ قلوب المؤمنين، فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنةً من نزول القرآن (2).
وقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 1].
والخشوع في أصل اللُّغة: الانخفاض والذلُّ والسُّكون. قال تعالى: {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ} [طه: 108]، أي: سكنت وذلَّت وخضعت. ومنه وصف الأرض بالخشوع، وهو يُبْسها وانخفاضها وعدم ارتفاعها بالريِّ والنَّبات، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} [فصلت: 39].
والخشوع: قيام القلب بين يدي الرّبِّ تعالى بالخضوع والذلَّة والجمعيَّة عليه.