
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
المحبوب كائنًا ما كان، ولهذا تجد لهؤلاء كلِّهم ذوقًا في السماع وحالًا ووجدًا وبكاءً.
ويا لله العجب! أيُّ إيمانٍ ونورٍ وبصيرةٍ وهدًى ومعرفةٍ يحصل باستماع أبياتٍ بألحانٍ وتوقيعاتٍ لعلَّ أكثرها قيلت فيما يهوى من محرَّمٍ يبغضه الله ورسوله ويعاقب عليه من تغزُّلٍ وتشبُّبٍ بمن لا يحلُّ له من ذكرٍ أو أنثى؟! فإنَّ غالب التغزُّل والتشبيب إنّما هو في الصُّور المحرَّمة، ومن أندر النادر تغزُّل الشاعر وتشبيبه في امرأته وأَمَته وأمِّ أولاده، مع أنَّ هذا واقعٌ لكنَّه كالشعرة في جلد الثور، فكيف يقع لمن له أدنى بصيرةٍ وحياةِ قلبٍ أنه (1) يتقرَّب إلى الله ويزداد إيمانًا وقُربًا منه وكرامةً عليه بالتذاذ ما هو بغيضٌ إليه مقيتٌ عنده، يَمقُت قائلَه وقابله (2) والراضي به، ويترقَّى به الحال حتَّى يزعم أنَّ ذلك أنفع لقلبه من سماع القرآن والعلم النّافع وسنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم -؟!
تاللهِ إنَّ هذا القلب مخسوفٌ به، ممكورٌ به، منكوسٌ! لم يَصلُح لحقائق القرآن وأذواق معانيه ومطالعة أسراره، فبَلاه (3) بقرآن الشيطان، كما في «معجم الطبراني» (4) وغيره مرفوعًا وموقوفًا: «إنَّ الشيطان قال: يا ربِّ،