
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
يريد انقطاع النفس عن أغراضها من هذه الوجوه الثلاثة، فيصون إرادته ويقبضها عمَّا سوى الله تعالى، وهذا شبيهٌ بحال أبي يزيد (1) - رحمه الله - فيما أخبر به عن نفسه لمَّا قيل له: ما تريد؟ فقال: أريد أن لا أريد.
الثاني: (إسبال الخُلق على الخَلق بسطًا)، وهذا حقيقة التصوُّف، فإنَّه كما قال بعض العارفين (2): «التّصوُّف خلقٌ، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في التّصوُّف». فإنّ حسن الخلق وتزكية النفس بمكارم الأخلاق يدلُّ على سعة قلب صاحبه وكرم نفسه وسجيَّته.
وفي هذا الوصف: يكفُّ الأذى، ويحمل الأذى، ويوجد الرَّاحة، ويدير خدَّه الأيسر لمن لطمه على الأيمن (3)، ويعطي رداءه لمن سلبه قميصَه، ويمشي ميلين مع من سخَّره ميلًا، وهذا علامة انقطاعه عن حظوظ نفسه وأغراضها.
وأمَّا (رفض العلائق عزمًا) فهو العزم التامُّ على رفض العلائق وتركها في