مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 659
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الطريقة لا تنجي من عذاب الله، ولا تحصِّل لصاحبها السعادة، ولا توصله إلى المأمن.
وأمَّا (الإنصاف) الذي أسَّسوا معاملتهم عليه، فهو الإنصاف في معاملتهم لله ولخلقه. فأمّا الإنصاف في معاملة الله فأن يُعطي العبوديَّة حقَّها، وأن لا ينازع ربَّه صفاتِ إلهيَّته التي لا تليق بالعبد ولا تنبغي له من العظمة والكبرياء والجِبْريَّة.
ومن إنصافه لربِّه أن لا يشكر سواه على نعمه وينساه، ولا يستعين بها على معاصيه، ولا يحمد على رزقه غيرَه، ولا يعبد سواه، كما في الأثر الإلهيِّ: «إنِّي والإنس والجنُّ في نبإٍ عظيمٍ؛ أخلق ويُعبَد غيري، وأرزق ويُشكَر سواي» (1).
وفي أثرٍ آخر: «ابنَ آدم ما أنصفتَني، خيري إليك نازل وشرُّك إليَّ صاعد، أتحبَّب إليك بالنِّعم وأنا غنيٌّ عنك (2)، وتتبغَّض إليَّ بالمعاصي وأنت فقير إليَّ، ولا يزال المَلَك الكريم يعرُج إليَّ منك بعملٍ قبيحٍ» (3).