مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
يبدو لنا ــ والله أعلم ــ أن هذه العبارة كتبها المصنف أولًا، ثم رأى لأمر ما حذفها والاكتفاء بما سبق من الفقرات المسجوعة، ولذلك خلت منها النسخ الأخرى.
ومن أمثلة التعديل في الصياغة: ما جاء في نسخة دار الكتب (ل 49): «وهذا الموضع يكثر من غلط فيه من أكابر الشيوخ وأصحاب الإرادة ممن غلظ حجابه، والمعصوم من عصمه الله، وبالله المستعان والتوفيق والعصمة».
وفي النسخ الأخرى: «وهذا الموضع ممّا غلِطَ فيه من أكابر الشُّيوخ وأصحاب الإرادة مَن غلِط، والمعصوم من عصَمه الله، وبالله المستعان».
الظاهر ــ والله أعلم ــ أن المؤلف - رحمه الله - هو الذي عدَّل في العبارة الأولى، ولا شك أن الصياغة الثانية أقوى وأحسن.
والجدير بالذكر أن بعض الزيادات نبّه عليها فوق السطور بكتابة «من» في أولها «وإلى» في آخرها، وقد صرِّح أحيانًا بأنها ليست في الأصل، كما في ل 52، 57، 68.
وبالجملة فهذه الزيادات على ثلاثة أنحاء:
الأول: ما هو من كلام المؤلف قطعًا، وسقط من أصل سائر النسخ لانتقال النظر، والكلام لا يستقيم إلا به. انظر: (2/ 270). أو تدل صياغته على أنه كلام المؤلف لأنه تكلَّم فيه عن نفسه بصيغة المتكلم. انظر: (2/ 460).
الثاني: ما ليس من كلام المؤلف قطعًا بل هو إدراج وإقحام، كأن تكون
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربِّ يسِّرْ (1)
الحمد لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتّقين، ولا عدوان إلّا على الظّالمين. وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، ربُّ العالمين، وإلهُ المرسلين، وقيُّومُ السّماوات والأرضين. وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله المبعوث بالكتاب المبين، الفارقِ بين الهدى والضَّلال، والغيِّ والرَّشاد، والشَّكِّ واليقين. أنزله لنقرأه تدبُّرًا، ونتأمّلَه تبصُّرًا، ونسعدَ به تذكُّرًا؛ ونحملَه على أحسن وجوهه ومعانيه، ونصدِّقَ أخباره ونجتهدَ على إقامة أوامره ونواهيه، ونجتنيَ ثمارَ علومه النّافعة الموصِلة إلى الله سبحانه من أشجاره، ورياحينَ الحِكَم من بين رياضه وأزهاره.
فهو كتابُه الدَّالُّ لمن أراد معرفته، وطريقُه المُوصِلةُ لسالكها إليه، ونورُه المبينُ الذي أشرقت له الظُّلمات، ورحمتُه المهداة التي بها صلاح جميع المخلوقات، والسَّببُ الواصلُ بينه وبين عباده إذا انقطعت الأسباب، وبابه الأعظم الذي منه الدُّخول، فلا يُغلَق إذا غلِّقت الأبواب.
وهو الصِّراط المستقيم الذي لا تميل به الآراء، والذِّكر الحكيم الذي لا تزيغ به الأهواء، والنُّزُل الكريم الذي لا يشبع منه العلماء. لا تفنى عجائبه، ولا تُقلِع سحائبه، ولا تنقضي آياته، ولا تختلف دلالته (2). كلّما ازدادت