مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

10269 14

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

شرح الإسكندري هذه الدرجة كاملة في نحو خمسة أسطر، فقال: «وأول عامل من المريد قلبه، ويتمّ عمله بصحة قصده وقوة عزمه. ومتى قوي عزمه لم يقبل خواطر الكسل والفتور ... ». فلم ير الإسكندري حاجة إلى شرح (صدق القصد) في كلام الهروي.

وشرحها التلمساني فقال: «يعني بصحة القصد أن يكون في القلب داعية إلى السلوك، وميل شديد يقهر السّرَّ على صحة التوجه. وبالجملة فالقصد هو النية والطلب الذي لا يمازجه رياء بوجه من الوجوه».

وقال القاساني: «القصد هو النية، وصدقها هو أن يتوجه القلب إلى المقصود بداعية جاذبة إلى السلوك، وميل قوي يقهر السرَّ إلى الانجذاب إليه، ويردعه عن الالتفات إلى ما سواه من غير غرض ورياء وشوب من شيء آخر بوجه من الوجوه».

أغفل الفركاوي شرح الدرجة الأولى بكاملها.

وقال ابن القيم: «يعني بـ (صدق القصد) كمال العزم، وقوَّة الإرادة، بأن يكون في القلب داعية صادقة إلى السُّلوك، وميلٌ شديدٌ يقهر السرَّ على صحَّة التوجُّه. فهو طلبٌ لا يمازجه رياءٌ ولا فتور، ولا يكون فيه قسمةٌ بحالٍ».

القاساني وابن القيم كلاهما صادران - كما ترى -عن شرح التلمساني، غير أن لفظ ابن القيم هنا أقرب إلى مصدره.

(3) الدرجة الثانية من المنزلة: (أن لا يتمنَّى الحياة إلا للحقِّ، ولا يشهد من نفسه إلا أثر النُّقصان، ولا يلتفت إلى ترفيه الرُّخص). ويهمنا هنا شرح الجملة الأخيرة.

الصفحة

47/ 129

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ربِّ يسِّرْ (1)

الحمد لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتّقين، ولا عدوان إلّا على الظّالمين. وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، ربُّ العالمين، وإلهُ المرسلين، وقيُّومُ السّماوات والأرضين. وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله المبعوث بالكتاب المبين، الفارقِ بين الهدى والضَّلال، والغيِّ والرَّشاد، والشَّكِّ واليقين. أنزله لنقرأه تدبُّرًا، ونتأمّلَه تبصُّرًا، ونسعدَ به تذكُّرًا؛ ونحملَه على أحسن وجوهه ومعانيه، ونصدِّقَ أخباره ونجتهدَ على إقامة أوامره ونواهيه، ونجتنيَ ثمارَ علومه النّافعة الموصِلة إلى الله سبحانه من أشجاره، ورياحينَ الحِكَم من بين رياضه وأزهاره.

فهو كتابُه الدَّالُّ لمن أراد معرفته، وطريقُه المُوصِلةُ لسالكها إليه، ونورُه المبينُ الذي أشرقت له الظُّلمات، ورحمتُه المهداة التي بها صلاح جميع المخلوقات، والسَّببُ الواصلُ بينه وبين عباده إذا انقطعت الأسباب، وبابه الأعظم الذي منه الدُّخول، فلا يُغلَق إذا غلِّقت الأبواب.

وهو الصِّراط المستقيم الذي لا تميل به الآراء، والذِّكر الحكيم الذي لا تزيغ به الأهواء، والنُّزُل الكريم الذي لا يشبع منه العلماء. لا تفنى عجائبه، ولا تُقلِع سحائبه، ولا تنقضي آياته، ولا تختلف دلالته (2). كلّما ازدادت

الصفحة

3/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !