مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

9270 13

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

كلامه شيء من الحلول الخاص في حق العبد العارف الواصل إلى ما سماه هو مقام «التوحيد»، وقد باح منه بما لم يبح به أبو طالب المكي، لكن كنى عنه (1).

وانتقد قول الهروي (ص 11): «إن مشاهدةَ العبد الحكمَ لم تدع له استحسانَ حسنة ولا استقباح سيئة» في مواضع من كتبه (2)، وبيَّن أن قوله في باب الأفعال والقَدَر يوافق الجهم وأتباعه من غلاة الجبرية، فهو يلحظ الجبر وإثبات القدر شاهدًا لتوحيد الربوبية معرضًا عن الأمر والنهي، ويجعل هذا غاية.

أما المنهج العام للكتاب وهو تقسيم كل مقام إلى ثلاث درجات فقد انتقده شيخ الإسلام وقال: إنه يذكر في كلّ بابٍ ثلاث درجات، فالأولى وهي أهونها عندهم توافق الشرع في الظاهر، والثانية قد توافق الشرع وقد لا توافق، والثالثة في الأغلب تخالف، لاسيما في «التوحيد» و «الفناء» و «الرجاء» ونحو ذلك (3).

وبعد ما ذكر الذهبي أن «منازل السائرين» كتاب نفيس في التصوف، وأنه رأى الاتحادية تعظِّم هذا الكتاب وتنتحله، وتزعم أنه على تصوفهم الفلسفي، قال: «وقد كان شيخنا ابن تيمية بعد تعظيمه لشيخ الإسلام يحطّ

الصفحة

35/ 129

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ربِّ يسِّرْ (1)

الحمد لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتّقين، ولا عدوان إلّا على الظّالمين. وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، ربُّ العالمين، وإلهُ المرسلين، وقيُّومُ السّماوات والأرضين. وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله المبعوث بالكتاب المبين، الفارقِ بين الهدى والضَّلال، والغيِّ والرَّشاد، والشَّكِّ واليقين. أنزله لنقرأه تدبُّرًا، ونتأمّلَه تبصُّرًا، ونسعدَ به تذكُّرًا؛ ونحملَه على أحسن وجوهه ومعانيه، ونصدِّقَ أخباره ونجتهدَ على إقامة أوامره ونواهيه، ونجتنيَ ثمارَ علومه النّافعة الموصِلة إلى الله سبحانه من أشجاره، ورياحينَ الحِكَم من بين رياضه وأزهاره.

فهو كتابُه الدَّالُّ لمن أراد معرفته، وطريقُه المُوصِلةُ لسالكها إليه، ونورُه المبينُ الذي أشرقت له الظُّلمات، ورحمتُه المهداة التي بها صلاح جميع المخلوقات، والسَّببُ الواصلُ بينه وبين عباده إذا انقطعت الأسباب، وبابه الأعظم الذي منه الدُّخول، فلا يُغلَق إذا غلِّقت الأبواب.

وهو الصِّراط المستقيم الذي لا تميل به الآراء، والذِّكر الحكيم الذي لا تزيغ به الأهواء، والنُّزُل الكريم الذي لا يشبع منه العلماء. لا تفنى عجائبه، ولا تُقلِع سحائبه، ولا تنقضي آياته، ولا تختلف دلالته (2). كلّما ازدادت

الصفحة

3/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !