مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

10236 14

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

قد التزم ابن القيم كما رأينا من أول هذا القسم (1/ 379) إلى آخر الكتاب أن يتكلم على المنازل جميعًا على ترتيب الهروي، فبدا الكتاب في هذا القسم كأنه شرح لكتاب «منازل السائرين» للهروي، وإن كان المؤلف لم يصرح قط بأنه سيشرح الكتاب المذكور إلى آخره.

وهنا يبرز أمامنا سؤالان أولهما: هل كان ينوي ابن القيم مثل هذا التوسع في الكلام على المنازل؟ والآخر: هل كان ينوي شرح «منازل السائرين» للهروي من بداية الأمر؟

أما السؤال الأول، فإنه قال في مطلع فصل المنازل بعد ما ذكر تأليف الناس في المنازل واختلافهم في عددها وترتيبها (1/ 172): «وسأذكر فيها أمرًا مختصرًا جامعًا نافعًا إن شاء الله». وكلامه بعد ذلك في المنازل الثمانية بالإضافة إلى كلامه على الفناء جاء في نحو 460 صفحة، والكلام على منزل التوبة وحده استأثر منها بنحو 380 صفحة. ولا شك في كون كلامه كله نافعًا، ولكن هل كان مختصرًا جامعًا أيضًا كما أراد؟ وهذا إذا استثنينا شرحه لسائر المنازل وهي 92 منزلًا في نحو 1800 صفحة.

وأما أنه هل كان ينوي شرح «كتاب المنازل» بتمامه من بداية أمره؟ ففي الجواب عن هذا السؤال نذكر قوله: «فالأولى بنا: أن نذكر منازل العبودية الواردة في القرآن والسنة ونشير إلى معرفة حدودها ومراتبها، ونذكر لها ترتيبًا غير مستحق بل مستحسن بحسب ترتيب السير الحسي ليكون ذلك أقرب إلى تنزيل المعقول منزلة المشهود بالحس فيكون التصديق أتم ومعرفته أكمل وضبطه أسهل». وقد رأينا أن المنازل التي رتبها المؤلف بحسب الترتيب الحسي هي عشرة منازل فقط، أولها منزل اليقظة وآخرها منزل

الصفحة

26/ 129

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ربِّ يسِّرْ (1)

الحمد لله ربِّ العالمين، والعاقبة للمتّقين، ولا عدوان إلّا على الظّالمين. وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، ربُّ العالمين، وإلهُ المرسلين، وقيُّومُ السّماوات والأرضين. وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله المبعوث بالكتاب المبين، الفارقِ بين الهدى والضَّلال، والغيِّ والرَّشاد، والشَّكِّ واليقين. أنزله لنقرأه تدبُّرًا، ونتأمّلَه تبصُّرًا، ونسعدَ به تذكُّرًا؛ ونحملَه على أحسن وجوهه ومعانيه، ونصدِّقَ أخباره ونجتهدَ على إقامة أوامره ونواهيه، ونجتنيَ ثمارَ علومه النّافعة الموصِلة إلى الله سبحانه من أشجاره، ورياحينَ الحِكَم من بين رياضه وأزهاره.

فهو كتابُه الدَّالُّ لمن أراد معرفته، وطريقُه المُوصِلةُ لسالكها إليه، ونورُه المبينُ الذي أشرقت له الظُّلمات، ورحمتُه المهداة التي بها صلاح جميع المخلوقات، والسَّببُ الواصلُ بينه وبين عباده إذا انقطعت الأسباب، وبابه الأعظم الذي منه الدُّخول، فلا يُغلَق إذا غلِّقت الأبواب.

وهو الصِّراط المستقيم الذي لا تميل به الآراء، والذِّكر الحكيم الذي لا تزيغ به الأهواء، والنُّزُل الكريم الذي لا يشبع منه العلماء. لا تفنى عجائبه، ولا تُقلِع سحائبه، ولا تنقضي آياته، ولا تختلف دلالته (2). كلّما ازدادت

الصفحة

3/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !