مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

3842 1

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

وهذه المرتبة هي حجّة الله على خلقه، التي لا يعذِّب أحدًا ولا يُضِلُّه إلّا بعد وصوله إليها، قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: 115]. فهذا الإضلالُ عقوبةٌ منه لهم، حين بيَّن لهم، فلم يقبلوا ما بيَّنه (1)، ولم يعملوا به، فعاقبهم بأن أضَلَّهم عن الهدى. وما أضلَّ الله سبحانه أحدًا قطُّ إلّا بعد هذا البيان.

وإذا عرفتَ هذا عرفتَ سرَّ القدر، وزالت عنك شكوكٌ كثيرةٌ وشبهاتٌ في هذا الباب، وعلمتَ حكمةَ الله في إضلاله مَن يُضِلُّه من عباده (2). والقرآن يصرِّح بهذا في غير موضعٍ، كقوله: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: 5]، وقوله: {وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} (3) [النساء: 155]. فالأوّل: كفر عنادٍ، والثّاني: كفر طبعٍ. وقوله: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام: 110]. فعاقبهم على ترك الإيمان به حين تبيَّنوه وتحقَّقوه، بأن قلَّب أفئدتهم وأبصارهم فلم يهتدوا له. فتأمَّلْ هذا الموضع حقَّ التّأمُّل، فإنّه موضعٌ عظيمٌ.

وقال تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [فصلت: 17]. فهذا (4) هدى البيان والدِّلالة، وهو شرطٌ لا موجِبٌ، فإنّه إن لم يقترن به هدًى آخر بعده لم يحصل به كمال الاهتداء، وهو هدى التّوفيق والإلهام.

الصفحة

66/ 610

مرحبًا بك !
مرحبا بك !