
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وقد اختلف النَّاس في هذه النُّصوص على طرقٍ (1):
أحدها: القولُ بظاهرها وتخليدُ أرباب هذه الجرائم في النَّار. وهو قول الخوارج والمعتزلة. ثمَّ اختلفوا، فقالت الخوارج: هم كفّارٌ لأنّه لا يخلَّد في النَّار إلّا كافرٌ. وقالت المعتزلة: ليسوا بكفَّارٍ بل فسَّاقٌ مخلَّدون في النَّار. هذا كلُّه إذا لم يتوبوا.
وقالت فرقةٌ: بل هذا الوعيد في حقِّ المستحلِّ لها لأنَّه كافرٌ، وأمَّا مَن فعَلَها يعتقدُ (2) تحريمَها لم يلحقه هذا الوعيدُ وعيدُ الخلود، وإن لحقه وعيدُ الدُّخول.
وقد أنكر الإمام أحمد - رضي الله عنه - هذا القول، وقال: لو استحلَّ ذلك ولم يفعله كان كافرًا، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إنّما قال: من فعل كذا وكذا.
وقالت فرقةٌ ثالثةٌ: الاستدلالُ بهذه النُّصوص مبنيٌّ على ثبوت العموم، وليس في اللُّغة ألفاظٌ عامّةٌ.
ومن هاهنا أنكر العمومَ من أنكره، وقصدُهم تعطيلُ هذه الأدلّة عن استدلال المعتزلة والخوارج بها، لكنَّ ذلك يستلزم تعطيلَ الشَّرع جملةً، بل تعطيلَ عامَّة الأخبار. فهؤلاء ردُّوا باطلًا بأبطلَ منه، وبدعةً بأقبحَ منها، وكانوا كمن رام يبني (3) قصرًا، فهدَم مصرًا!