
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
منهم قد كان يستحقُّه ويجب عليه الدَّفعُ إليه (1)، فقد ظلمه بترك إعطائه ما وجب عليه دفعُه إليه، فيتوجّه عليه المطالبة له في الآخرة (2).
فإن قيل: فكيف يتخلَّص بالتَّوبة من حقوق هؤلاء؟
قيل: طريقُ التَّوبة: أن يتصدَّق عنهم بمالٍ تجري منافعُ ثوابه عليهم بقدر ما فات كلَّ واحدٍ منهم من منفعة ذلك المال لو صار إليه، متحرِّيًا للممكن من ذلك. وهكذا لو تطاولت على المال سنون، وقد كان يمكن ربَّه أن ينمِّيه بالرِّبح، فتوبتُه بأن يخرج المالَ ومقدار ما فوَّتَه (3) من ربح ماله.
فإن كان قد ربح فيه بنفسه، فقيل: الرِّبحُ كلُّه للمالك، وهو قولُ الشَّافعيِّ وظاهرُ مذهب أحمد (4).
وقيل: كلُّه للغاصب، وهو مذهب مالك وأبي حنيفة. وكذلك لو أودعه مالًا فاتَّجَر به وربح، فربحُه له دون مالكه عندهما وضمانُه عليه (5).
وفيها قولٌ ثالثٌ: أنّهما شريكان في الرِّبح. وهو روايةٌ عن أحمد، واختيار شيخنا (6)، وهو أصحُّ الأقوال، فيضمُّ حصَّة المالك من الرِّبح إلى أصل