مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
صريحًا (1) في التَّوقيت بما بين الرَّمضانين كتوقيت أيَّام رمضان بما بين الهلالين، فاعتبارُ أحدهما بالآخر ممتنعٌ وجمعٌ بين ما فرَّق الله بينهما، فإنَّه جعَلَ أيّامَ رمضان محدودةً بحدٍّ لا تتقدَّم عنه ولا تتأخَّر، وأطلَق أيّامَ القضاء وأكَّد إطلاقها بقوله: {أُخَرَ}، وأفتى من أفتى من الصَّحابة بالإطعام لمن أخَّرها إلى رمضان آخر جبرًا لزيادة التّأخير عن المدَّة التي بين الرَّمضانين، ولا تخرج بذلك عن كونها قضاءً بل هي قضاءٌ، وإن فُعِلت بعد رمضان آخر فحكمُها في القضاء قبلَ رمضان وبعدَه واحدٌ بخلاف أيّام رمضان.
يوضِّح هذا: أنَّه لو أفطر يومًا من أيّام رمضان عمدًا بغير عذرٍ لم يتمكَّن أن يقيم مقامَه يومًا آخر مثلَه (2) البتّة. ولو أفطر يومًا من أيّام القضاء (3) قام اليومُ الذي بعده مقامه. وسرُّ الفرق: أنَّ المعذور لم يتعيَّن في حقِّه أيّامُ القضاء بل هو مخيَّرٌ فيها، وأيُّ يومٍ صامه قام مقام الآخر. وأمَّا غيرُ المعذور، فأيّامُ الوجوب متعيِّنةٌ في حقِّه لا يقوم غيرُها مقامَها.
قالوا: وأمَّا من ترك الجمعة عمدًا فإنّما أوجبنا عليه الظُّهر، لأنَّ الواجبَ في هذا الوقت أحدُ الصَّلاتين ولا بدَّ: إمَّا الجمعة وإمَّا الظُّهر. فإذا ترك الجمعة فوقتُ الظُّهر قائمٌ وهو مخاطَبٌ بوظيفة الوقت. قالوا: ولاسيَّما عند من يجعل الجمعة بدلًا من الظُّهر، فإنّه إذا فاته البدل رجع إلى الأصل.
هذا إن (4) كان القضاءُ ثابتًا بالإجماع أو بالنَّصِّ. وإن كان فيه خلافٌ