
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (15)} [الحديد: 14 - 15].
لا تستطِلْ أوصافَ القوم، فالمتروكُ والله أكثَرُ من المذكور! كاد القرآن أن يكون كلُّه في شأنهم، لكثرتهم على ظهر الأرض وفي أجواف القبور. فلا خلَتْ بقاعُ الأرض منهم لئلَّا يستوحشَ المؤمنون في الطُّرقات، وتتعطَّل بهم أسباب المعيشات، وتتخطَّفَهم الوحوشُ والسِّباعُ في الفلَوات! سمع حذيفة - رضي الله عنه - رجلًا يقول: اللهمَّ أهلِكِ المنافقين، فقال: يا ابنَ أخي، لو أهلك المنافقين (1) لاستوحشتم في طرقاتكم (2)!
تالله (3) لقد قطَّع خوفُ النِّفاق قلوبَ السّابقين الأوّلين، ولعلمهم بدِقِّه وجِلِّه وتفاصيلهِ وجُمَلِه ساءت (4) ظنونهم بأنفسهم حتّى خشُوا أن يكونوا من جملة المنافقين. قال عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - لحذيفة بن اليمان: يا حذيفةُ، نشدتُك بالله، هل سمَّاني لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم؟ فقال: لا، ولا أزكِّي بعدك أحدًا (5).