مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

9481 13

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

وأبغضَ قربَهم منه وجوارهم، لميلهم إلى أعدائه، فطرَدَهم عنه وأبعَدَهم. وأعرضوا عن وحيه فأعرض عنهم، وأشقاهم وما أسعدهم. وحكَم عليهم بحكمٍ عدلٍ لا مطمع لهم في الفلاح بعده إلّا أن يكونوا من التّائبين، فقال: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: 46]. ثمّ ذكر حكمته في تثبيطهم وإقعادهم، وطردِهم عن بابه وإبعادهم، وأنَّ ذلك من لطفه بأوليائه وإسعادهم، وهو أحكم الحاكمين، فقال (1): {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [التوبة: 47].

ثقلت عليهم النُّصوصُ فكرهوها، وأعيا عليهم حملُها فألقَوها عن أكتافهم ووضَعوها، وتفلَّتت منهم السُّننُ أن يحفظوها فأهملوها، وصالت عليهم نصوصُ الكتاب والسُّنّة فوضعوا لها قوانينَ ردُّوها بها ودفعوها. ولقد هتَكَ الله أستارهم، وكشَف أسرارهم، وضرَب لعباده أمثالَهم. وعَلِمَ أنّه كلّما انقرض منهم طوائفُ خلَفَهم أمثالُهم، فذكر أوصافَهم لأوليائه ليكونوا منها على حذَرٍ، وبيَّنها لهم، {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} [محمد: 9].

هذا شأنُ من ثقلت عليه النُّصوصُ، ورآها حائلةً بينه وبين بدعته وهواه فهي في وجهه كالبنيان المرصوص. فباعها بـ"محصَّلٍ" (2) من الكلام الباطل، واستبدل منها بـ"الفصوص" (3)! فأعقبهم ذلك أن أفسد عليهم إعلانَهم

الصفحة

547/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !