
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
عنها اقتضى (1) شمول الرّحمة وسعتها، فوسع كلَّ شيءٍ بربوبيته ورحمته، مع أنّ في كونه ربًّا للعالمين ما يدلُّ على علوِّه على خلقه وكونه فوق كلِّ شيءٍ، كما يأتي بيانه عن قربٍ (2) إن شاء الله تعالى.
فصل
وفي (3) ذكر هذه (4) الأسماء بعد الحمد، وإيقاع الحمد على مضمونها ومقتضاها= ما يدلُّ على أنّه محمودٌ في إلهيّته، محمودٌ في ربوبيّته، محمودٌ في رحمانيّته، محمودٌ في ملكه؛ وأنّه إلهٌ محمودٌ، ربٌّ (5) محمودٌ، ورحمنُ محمودٌ، وملِكٌ محمودٌ. فله بذلك جميع أقسام الكمال: كمالٌ من هذا الاسم بمفرده، وكمالٌ من الآخر بمفرده، وكمالٌ من اقتران أحدهما بالآخر.
مثال ذلك: قوله تعالى: {وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [التغابن: 6]، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [النساء: 26]، {وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الممتحنة: 7]. فالغنى صفة كمالٍ، والحمدُ صفة كمالٍ، واقترانُ غناه بحمده كمالٌ أيضًا. وعلمُه كمالٌ، وحكمتُه كمالٌ، واقترانُ العلم بالحكمة كمالٌ أيضًا. وقدرتُه كمالٌ، واقترانُ القدرة بالمغفرة كمالٌ.