مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

11443 14

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

الوجه الثّالث: أنَّ عبوديّةَ التَّوبة فيها من الذُّلِّ والانكسار والخضوع، والتّملُّقِ لله، والتّذلُّلِ له= ما هو أحبُّ إليه من كثيرٍ من الأعمال الظَّاهرة. فإن (1) زادت في القدر والكمِّيَّة على عبوديَّة التَّوبة، فإنَّ الذُّلَّ والانكسارَ روحُ العبوديّة ومخُّها ولبُّها. يوضِّحه:

الوجه الرّابع: أنَّ حصولَ مراتب الذُّلِّ والانكسار للتّائب أكملُ منها لغيره، فإنّه قد شارك مَن لم يُذنب في ذلِّ الفقر، والعبوديّة، والمحبّة؛ وامتاز عنه بانكسار المعصية (2)، والله سبحانه أقربُ ما يكون إلى عبده عند ذلِّه وانكسار قلبه، كما في الأثر الإسرائيليِّ: "يا ربِّ أين أجدك؟ قال: عند المنكسِرة قلوبُهم من أجلي" (3). ولأجل هذا "أقربُ ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجدٌ" (4)، لأنّه مقامُ ذلٍّ وانكسارٍ بين يدي ربِّه عزَّ وجلَّ.

وتأمَّلْ قولَ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربِّه تبارك وتعالى أنّه يقول يوم القيامة: "ابنَ آدم، استطعمتُك فلم تُطعِمْني. قال: يا ربِّ، كيف أُطْعِمُك وأنت ربُّ العالمين؟ قال: استطعمك عبدي فلم تُطْعِمْه، أمَا لو أطعمتَه لوجدتَ ذلك عندي. ابنَ آدم، استسقيتُك فلم تَسْقِني. قال: يا ربِّ، كيف أسقيك، وأنت ربُّ العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلانٌ فلم تَسْقِه، أمَا لو سقيتَه لوجدتَ ذلك عندي. ابنَ آدم، مرضتُ فلم تَعُدْني. قال: يا ربِّ، كيف أعودك،

الصفحة

461/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !