مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

4541 3

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

كلِّها، وهو أزيَدُ من الرِّبح المتقدِّم. فإذا كان هذا حالَ من أعرض، فكيف مَن عصى وأذنب؟ وفي هذا الوجه كفايةٌ.

فصل

وطائفةٌ رجَّحت التّائبَ، وإن لم تنكر كونَ الأوّل أكثرَ حسناتٍ منه. واحتجَّت بوجوهٍ:

أحدها: أنَّ عبوديّةَ التَّوبة من أحبِّ العبوديّات إلى الله وأكرمِها عليه، فإنّه سبحانه يحبُّ التّوّابين. ولو لم تكن التَّوبةُ أحبَّ الأشياء إليه لما ابتلى بالذَّنب أكرمَ الخلقِ عليه. فلمحبّته لتوبة عبده ابتلاه بالذَّنب الذي يُوجِب وقوعَ محبوبه من التَّوبة، وزيادةَ محبَّتِه لعبده، فإنَّ للتّائبين عنده محبّةً خاصّةً. يوضِّح ذلك:

الوجه الثّاني: أنَّ للتَّوبة عنده سبحانه منزلةً ليست لغيرها من الطَّاعات. ولهذا يفرح سبحانه بتوبة عبده حين يتوب (1) أعظمَ فرحٍ يقدَّر، كما مثَّلَه النّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بفرح الواجد لراحلته التي عليها طعامُه وشرابُه في الأرض الدَّوِّيَّةِ المهلكة، بعد ما فقدها وأيِسَ من أسباب الحياة (2). ولم يجئ هذا الفرحُ في شيءٍ من الطَّاعات سوى التَّوبة. ومعلومٌ أنَّ لهذا الفرح تأثيرًا عظيمًا في حال التّائب وقلبه، ومزيدُه لا يعبَّر عنه. وهو من أسرار تقدير الذُّنوب على العباد، فالعبدُ ينال بالتَّوبة درجةَ المحبوبيَّة، فيصير حبيبًا لله، فإنَّ الله يحبُّ التَّوَّابين ويحبُّ العبدَ المفتَّنَ التَّوَّابَ (3). يوضِّحه:

الصفحة

460/ 610

مرحبًا بك !
مرحبا بك !