
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
العدوُّ (1) إليه سبيلًا، فثمرتُه وزهرتُه ونضرتُه وبهجتُه في زيادةٍ ونموٍّ أبدًا. والعاصي قد فتَح فيه ثَغْرةً (2)، ومكَّن منه السُّرَّاقَ والأعداءَ، فدخلوا فعاثوا فيه، وأفسدوا (3)، وقطَّعوا ثمرته، وأحرقوا في نواحيه، وقطعَوا ماءه، أو نقَصوا سقيَه (4)، فإذا تداركه قَيِّمُه ولمَّ شعَثَه، وأصلَح ما فسد منه، وفتَح طرقَ مائه، وعمَّر ما خَرِب منه؛ فإنّه إمَّا أن يعود كما كان، أو أنقصَ، أو خيرًا؛ ولكن لا يلحق بستانَ صاحبه الذي لم يزل على نضارته وحسنه، بل في زيادةٍ ونموٍّ (5).
الثّامن: أنَّ طمعَ العدوِّ في هذا العاصي إنّما كان لضعفِ علمه وضعفِ عزيمته، ولذلك يسمّى جاهلًا. قال قتادة - رضي الله عنه -: أجمع (6) أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أنَّ كلَّ ما عُصي الله به فهو جهالةٌ (7). وكذلك قال الله تعالى في حقِّ آدم عليه السلام: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} [طه: 115]. وقال في حقِّ غيره: {كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا} [الأحقاف: 35]. وأمَّا من قويت عزيمتُه، وكمُل علمُه، وقوي إيمانُه= لم يطمع فيه عدوُّه، فكان (8) أفضل.
التّاسع: أنَّ المعصيةَ لا بدَّ أن تؤثِّر أثرًا سيِّئًا، ولا بدَّ: إمَّا هلاكًا كلِّيًّا، وإمَّا