مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
الأرباحِ والمكاسبِ العظيمةِ والمصالحِ الرّاجحةِ، من عيادةِ المريض، واتِّباعِ الجنازة (1)، والجهادِ المستحبِّ، وطلبِ العلم النّافع، والخِلْطة التي ينتفع بها وينفع غيرَه ــ لم يُؤْثِرْها على جمعيَّته إذا رأى (2) جمعيَّتَه خيرًا له وأنفع منها، فهذا غيرُ آثمٍ ولا مفرِّطٍ، إلّا إذا تركها رغبةً عنها بالكلِّيّة، واستبدالًا بالجمعيَّة، فهذا ناقصٌ. أمّا إذا قام بها أحيانًا وتركها أحيانًا لاشتغاله بجمعيّته (3)، فهذا غير مذمومٍ. بل هذا حقيقة الاعتكاف المشروع، وهو جمعيّةُ العبد على ربِّه وخلوتُه به.
وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يحتجر بحصيرٍ (4) في المسجد في اعتكافه (5)، يخلو به مع ربِّه عزَّ وجلَّ، ولم يشتغِلْ بتعليم الصَّحابة وتذكيرهم في تلك الحال. ولهذا كان المشهور من مذهب أحمد وغيره أنّه لا يُستحَبُّ للمعتكِف إقراءُ القرآن والعلم، وخلوتُه للذِّكر والعبادة أفضَلُ له. واحتجُّوا بفعل النّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (6).