مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

7221 9

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

وهؤلاء يزعمون أنَّ الظُّلمَ في حقِّ عباده هو المحرَّمُ المنهيُّ عنه، لا أنّ في نفس الأمر ظلمًا نهى عنه. وكذلك الظُّلمُ الذي نزَّه نفسَه عنه هو الممتنعُ المستحيلُ، لا أنَّ هناك أمرٌ ممكنٌ مقدورٌ (1) لو فعله لكان ظلمًا. فليس في نفس الأمر عندهم ظلمٌ منهيٌّ عنه ولا منزَّهٌ عنه، إنّما هو المحرَّم في حقِّهم، والمستحيلُ في حقِّه. فالظُّلمُ المنزَّهُ عنه عندهم هو كالجمعِ بين النَّقيضين، وجعلِ الجسم الواحد في مكانين في آنٍ واحدٍ، ونحو ذلك.

والقرآنُ صريحٌ في إبطال هذا المذهب أيضًا. قال تعالى: {قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ (27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [ق: 27 - 29]. أي لا أؤاخذ عبدًا بغير ذنبٍ، ولا أمنعه من أجر ما عمله من صالحٍ. ولهذا قال قبله: {وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} المتضمِّن لإقامة الحجّة وبلوغ الأمر والنَّهي، فإذا واخذتُكم (2) بعد التّقدُّم فلستُ بظالمٍ، بخلاف من يواخذ العبدَ قبل التّقدُّم إليه بأمره ونهيه، فذلك الظُّلمُ الذي تنزّه عنه سبحانه وتعالى.

وقال تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} [طه: 112]. يعني لا يُحمَل عليه من سيِّئات ما لم يعمله، ولا يُنقَص من حسنات ما عمِل. ولو كان الظُّلمُ هو المستحيلَ الذي لا يمكن وجودُه لم يكن لعدم الخوف منه معنًى، ولا للأمن من وقوعه فائدةٌ.

وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ

الصفحة

368/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !