
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
الأفعالَ في نفسها حسنةٌ وقبيحةٌ، كما أنّها نافعةٌ وضارّةٌ، والفرقُ بينهما كالفرق بين المطعومات والمشمومات والمرئيّات، ولكن لا يُرتَّب (1) عليها ثوابٌ ولا عقابٌ إلّا في الأمر والنّهي. وقبل ورود الأمر والنّهي لا يكون قبيحُها مُوجِبًا للعقاب مع قبحه في نفسه بل هو في غاية القبح، واللهُ لا يعاقِب عليه إلّا بعد إرسال الرُّسل. فالسُّجودُ للأوثان والشَّيطان والكذبُ والزِّنى والظُّلمُ والفواحشُ كلُّها قبيحةٌ في ذاتها، والعقابُ عليها مشروطٌ بالشَّرع.
فالنُّفاة يقولون: ليست في ذاتها قبيحةً، وقبحُها والعقابُ عليها إنّما ينشأ بالشَّرع. والمعتزلةُ يقولون: قبحُها والعقابُ عليها ثابتان بالعقل. وكثيرٌ من الفقهاء من الطّوائف الأربعة يقولون: قبحُها ثابتٌ بالعقل، والعقابُ متوقِّفٌ على ورود الشَّرع. وهو الذي ذكره سعد بن عليٍّ الزَّنجانيُّ (2) من الشَّافعيّة، وأبو الخطَّاب (3) من الحنابلة. وذكره الحنفيَّةُ وحكوه عن أبي حنيفة نصًّا (4)،