مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

11760 15

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

لتوبة التّائب. والمحبُّ إذا اشتدَّت محبَّتُه للشَّيء وغاب (1) عنه، ثمّ وَجَده وصار طوعَ يديه، فلا فرحةَ أعظمُ من فرحته به.

فما (2) الظّنُّ بمحبوبٍ لك تحبُّه حبًّا شديدًا، وأسره عدوُّك، وحال بينك وبينه، وأنت تعلم أنَّ العدوَّ سيسومُه سوءَ العذاب، ويعرِّضه لأنواع الهلاك، وأنت أولى به منه، وهو غرسُك وتربيتُك. ثمّ إنّه انفلتَ من عدوِّه، ووافاك على غير ميعادٍ، فلم يفجأك إلّا وهو على بابك، يتملَّقُك (3) ويترضَّاك ويستعتبُك، ويمرِّغ خدَّيه على ثرى (4) أعتابك= فكيف يكون فرحُك به، وقد اختصَّيْتَه (5) لنفسك، ورضيتَه لقربك (6)، وآثرتَه على سواه؟ هذا، ولستَ الذي أوجدتَه وخلقتَه، وأسبغتَ عليه نعمَك.

واللهُ عزَّ وجلَّ هو الذي أوجد عبدَه، وخلَقه وكوَّنه، وأسبغ عليه نعمَه، وهو يحبُّ أن يتمَّها عليه، فيصيرَ مُظْهِرًا لنعمه، قابلًا لها، شاكرًا لها، محبًّا لوليِّها مطيعًا له عابدًا له، معاديًا لعدوِّه مبغضًا له عاصيًا له. والله تعالى يحبُّ من عبده معاداةَ عدوِّه ومعصيتَه ومخالفتَه، كما يحبُّ أن يُواليَه سبحانه ويطيعَه ويعبدَه؛ فتنضافُ محبَّتُه لعبادته وطاعته والإنابة إليه، إلى محبّته لعداوة عدوِّه ومعصيته ومخالفته، فتشتدُّ المحبّةُ منه سبحانه مع حصول

الصفحة

337/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !