
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
زهدُك في الدُّنيا فتعجَّلتَ (1) به الرَّاحةَ. وأمّا انقطاعُك إليَّ فقد اكتسبتَ به العزَّ، ولكن ما عملتَ فيما لي عليك؟ قال: يا ربِّ، وما لك عليَّ بعد هذا؟ قال: هل واليتَ فيَّ وليًّا، أو عاديتَ فيَّ عدوًّا؟ " (2).
يعني أنَّ الرّاحةَ والعزَّ حظُّك، وقد نلتَهما بالزُّهد والعبادة، ولكن أين القيامُ بحقِّي، وهو الموالاة فيَّ والمعاداة فيّ (3)؟
فالشّأنُ في التَّفريق في الأوامر بين حظِّك وحقِّ ربِّك علمًا وحالًا. وكثيرٌ من الصّادقين يلتبس عليهم حالُ نفوسهم في ذلك، ولا يميِّزه إلّا أولو البصائر (4) منهم، وهم في الصَّادقين كالصَّادقين في النّاس!
وأمّا نسيان الجناية، فهذا موضعُ تفصيلٍ، وقد اختلف فيه أرباب الطّريق:
فمنهم: من رأى الاشتغالَ عن ذكر الذَّنب والإعراضَ عنه صفحًا بصفاءِ