مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

10255 14

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

كان حجّةً لعبدك وأمتك في ترك بعض حقِّك! بل إذا أساء (1) إليك مسيءٌ، وجنى عليك جانٍ، واحتجَّ بالقدر= لاشتدَّ غضبُك عليه، وتضاعف جرمُه عندك، ورأيتَ حجّتَه داحضةً؛ ثمّ تحتجُّ على ربِّك به، وتراه عذرًا لنفسك! فمَن أولى بالظُّلم والجهل ممَّن هذه حاله؟

هذا مع تواتر إحسان الله إليك على مدى الأنفاس: أزاح عللَك، ومكَّنك من التَّزوُّد إلى جنَّته، وبعث إليك الدَّليل، وأعطاك مؤنة السّفر وما تتزوَّد به وما تحارب به قطَّاعَ الطَّريق عليك. فأعطاك السَّمع والبصر والفؤاد، وعرَّفك الخيرَ والشَّرَّ والنَّافعَ والضَّارَّ، وأرسل إليك رسولَه، وأنزل (2) كتابَه ويسَّره للذِّكر والفهم والعمل، وأعانك بمددٍ من جنده الكرام، يثبِّتونك ويحرُسونك، ويحاربون عدوَّك ويطردونه عنك، ويريدون منك أن لا تميل إليه ولا تصالحه، وهم يكفُونك مؤنتَه؛ وأنت تأبى إلّا مظاهرتَه عليهم، وموالاتَه دونهم، بل تُظاهِرُه وتُواليه دون وليِّك الحقِّ الذي هو أولى بك. قال تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [الكهف: 50].

طرَد إبليسَ عن سمائه، وأخرجَه من جنّته، وأبعدَه من قربه، إذ لم يسجد لك، وأنت في صلب أبيك آدم، لكرامتك عليه، فعاداه وأبعَدَه؛ ثمَّ واليتَ عدوَّه، ومِلْتَ إليه، وصالحته! وتتظلَّم مع ذلك، وتشتكي الطَّردَ والبعادَ! (3).

الصفحة

300/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !