
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
وحملٌ لذنبه على الأقدار. وهذا فعلُ خُصَماء الله تعالى، كما قال بعض شيوخهم في قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ} [آل عمران: 14]، قال: أتدرون ما المراد بهذه الآية؟ قالوا: وما المراد بها؟ قال: إقامةُ أعذار الخليقة! وكذَب هذا الجاهلُ بالله وكلامه. وإنّما المراد بها: التّزهيدُ في هذا الفاني الذّاهب، والتّرغيبُ في الباقي الدّائم، والإزراءُ على من (1) آثر هذا المزيَّنَ واتَّبعه، بمنزلة الصّبيِّ الذي يُزيَّن له ما يلعَب به، فيهَشُّ إليه، ويتحرَّك له؛ مع أنّه لم يذكر فاعل التّزيين، فلم يقل: زيَّنَّا للنَّاس.
والله تعالى يضيف تزيين الدُّنيا والمعاصي إلى الشّياطين، كما قال: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 43]، وقال: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} [الأنعام: 137]. وفي الحديث: "بُعِثتُ هاديًا وداعيًا، وليس إليَّ من الهداية شيءٌ. وبُعِثَ إبليسُ مُغْويًا ومزيِّنًا، وليس إليه من الضلالة شيءٌ" (2). ولا يناقض هذا قوله تعالى: