مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
الإيمان، بل أعظم (1) أصوله، فردّت قضاء الله وقدره الشّامل العامّ بأمره ونهيه (2).
فانظر إلى اقتسام الطّوائف هذا (3) الموضعَ، وافتراقهم في مفرَقِ هذه الطّريق علمًا وخبرًا (4) وسلوكًا وحقيقةً، وتأمَّلْ أحوالَ الخلق في هذا المقام= ينكشِفْ لك أسرارُ العالمين، وتعرف أين أنت وأين مقامك؟ وتعلم ما جنى هذا الجمعُ وهذا الفناءُ على الإيمان، وما خرَّب من القواعد والأركان! وتتحقَّق حينئذٍ أنَّ الدِّينَ كلَّه فرقانٌ في قرآنٍ (5): فرقٌ في جَمْعٍ، وكثرةٌ في وحدةٍ، كما تقدَّم بيانه؛ وأنّ أولى النّاس بالله ورسله وكتبه ودينه أصحابُ الفرق في الجمع، فيقومون بالفرق بين ما يحبُّه الله ويبغضه، ويأمر به وينهى عنه، ويواليه ويعاديه علمًا وشهودًا، وإرادةً وعملًا، مع شهودهم الجمعَ لذلك كلِّه في قضائه وقدره ومشيئته الشَّاملة العامَّة، فيؤمنون بالحقيقة الدِّينيّة والكونيّة، ويعطون كلَّ حقيقةٍ حظَّها من العبادة.
فحظُّ الحقيقة الدِّينيّة: القيامُ بأمره ونهيه، ومحبّةُ ما يحبُّه وكراهةُ ما