مدارج السالكين ج1

مدارج السالكين ج1

6450 7

مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير 

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 610 

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)

مدارج السالكين في منازل السائرين

تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)

دار عطاءات العلم - دار ابن حزم

الصفحة

1/ 129

من الأولى، لأنّها غيَّبته عن السِّوى، وقد يغيب عنه وهو غيرُ جاحدٍ له، وهذه الثّانيةُ جحدُه وإنكارُه.

ومن هاهنا دخل الاتِّحاديُّ، وقال: المرادُ جحدُ السِّوى بالكلِّيّة، وأنّه ما ثَمَّ غيرٌ بوجهٍ ما. وحاشا شيخَ الإسلام من إلحاد أهل الاتِّحاد، وإن كانت عبارته موهمةً بل مفهِمةً (1). وإنّما أراد بالجحد في الشُّهود، لا في الوجود. أي يجحده أن يكون مشهودًا، فيجحد وجودَه الشُّهوديَّ العلميَّ، لا وجودَه العينيَّ الخارجيَّ. فهو أولًا يغيب عن وجوده الشُّهوديِّ العلميِّ، ثمّ ينكر ثانيًا وجودَه في علمه، وهو اضمحلالُه جحدًا، ثمّ يرتقي من هذه الدّرجة إلى أخرى أبلغَ منها، وهو (2) اضمحلاله في الحقيقة، وأنّه لا وجود له البتّة، وإنّما وجودُه قائمٌ بوجود الحقِّ، فلولا وجودُ الحقِّ لم يكن هذا موجودًا، ففي الحقيقة: الموجود إنّما هو الحقُّ وحده، والكائناتُ من أثر وجوده. هذا معنى قولهم: إنّها لا وجود لها، وإنّها معدومةٌ وفانيةٌ ومضمحلّةٌ.

والاتِّحاديُّ يقول: إنّ السّالك في أوّل سلوكه يرى أنّه لا فاعل في الحقيقة إلّا الله، فهذا توحيد العلم، ولا يقدر في طوره على أكثر من ذلك. ثمّ ينتقل من هذا إلى الدّرجة الثّانية، وهو شهودُ عَودِ الأفعال إلى الصِّفات، والصِّفاتِ إلى الذّات، فعاد الأمرُ كلُّه إلى الذّات، فيجحد وجود السِّوى بالكلِّيّة، فهذا هو الاضمحلال جحدًا. ثمّ يرتقي عن هذه الدّرجة إلى ركوب البحر الذي تغرق فيه الأفعال والأسماء والصِّفات، ولا يبقى إلّا أمرٌ مطلقٌ لا يتقيَّد باسمٍ ولا فعلٍ ولا صفةٍ، وقد اضمحلَّ فيه كلُّ معنًى وقيدٍ وصفةٍ ورسمٍ. وهذا

الصفحة

229/ 610

مرحباً بك !
مرحبا بك !