
مدارج السالكين في منازل السائرين- المجلد الأول
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي - سراج منير محمد منير
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1441 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 610
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (31)
مدارج السالكين في منازل السائرين
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 هـ - 751 هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
فممّا اختلفوا فيه: الرِّضا، هل هو حالٌ أو مقامٌ؟ فيه خلافٌ بين الخراسانيِّين والعراقيِّين، وحكم بينهم بعض الشُّيوخ، وقال: إن حصل بكسبٍ فهو مقامٌ، وإلّا فهو حالٌ (1).
والصّحيح (2): أنّ الواردات والمنازلات لها أسماءٌ باعتبار أحوالها، فتكون لوامع وبوارق ولوائح عند أوّل ظهورها وبدوِّها، كما يلمع البارقُ ويلوح على بُعدٍ، فإذا نازلته وباشرها فهي أحوالٌ، فإذا تمكَّنت منه وثبتت له من غير انتقالٍ فهي مقاماتٌ. فهي لوامعُ ولوائحُ في أوّلها، وأحوالٌ في أوسطها، ومقاماتٌ في نهايتها. فالّذي كان بارقًا هو بعينه الحال، والّذي كان حالًا هو بعينه المقام. وهذه الأسماء له باعتبار تعلُّقه بالقلب، وظهوره له، وثباته فيه.
وقد ينسلخ السّالك من مقامه كما ينسلخ من الثّوب، وينزل إلى ما دونه، ثمّ قد يعود إليه، وقد لا يعود.
ومن المقامات ما يكون جامعًا لمقامين. ومنها ما يكون جامعًا لأكثر من ذلك. ومنها ما يندرج فيه جميع المقامات، فلا يستحقُّ صاحبُه اسمَه إلّا عند استجماع جميع المقامات فيه.
فالتَّوبة جامعةٌ لمقام المحاسبة ومقام الخوف، لا يتصوَّر وجودها (3) بدونهما.